responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 157
بِأَنْ يَحْمِلَ نَفْسُهُ عَلَى الْغَرَرِ الْمُؤَدِّيَ إِلَى التَّلَفِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) فِي حَالِ ضَجَرٍ أَوْ غَضَبٍ، فَهَذَا كُلُّهُ يتناول النَّهْيُ. وَقَدِ احْتَجَّ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِهَذِهِ الْآيَةِ حِينَ امْتَنَعَ مِنَ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ حِينَ أَجْنَبَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ، فَقَرَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتِجَاجَهُ وَضَحِكَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ شيئا. خرجه أبو داود وغيره، وسيأتي.

[سورة النساء (4): آية 30]
وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)
(ذلِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ، قَالَهُ عَطَاءٌ. وَقِيلَ: هُوَ عَائِدٌ إِلَى أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَقَتْلِ النَّفْسِ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُمَا جَاءَ مُتَّسِقًا مَسْرُودًا، ثُمَّ وَرَدَ الْوَعِيدُ حَسَبَ النَّهْيِ. وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ عَلَى كُلِّ مَا نَهَى عَنْهُ مِنَ الْقَضَايَا، مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ). وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: (ذلِكَ) عَائِدٌ عَلَى مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ آخِرِ وَعِيدٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) لِأَنَّ كُلَّ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ، إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ) فَإِنَّهُ لَا وَعِيدَ بَعْدَهُ إِلَّا قَوْلَهُ: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً). وَالْعُدْوَانُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ. وَالظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ [1]. وَقُيِّدَ الْوَعِيدُ بِذِكْرِ الْعُدْوَانِ وَالظُّلْمِ لِيَخْرُجَ مِنْهُ فِعْلُ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ، وَذُكِرَ الْعُدْوَانُ وَالظُّلْمُ مَعَ تَقَارُبِ مَعَانِيهِمَا لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِمَا، وَحَسُنَ ذلك في الكلام كما قال:
وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنًا «2»

وَحَسُنَ الْعَطْفُ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، يُقَالُ: بُعْدًا وَسُحْقًا، وَمِنْهُ قَوْلُ يَعْقُوبَ: ِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
«3» فَحَسُنَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ اللفظ. و (نُصْلِيهِ) معناه نمسه حرها. وقد بينا

[1] راجع المسألة الثالثة عشرة ج 1 ص 309.
(2). هذا عجز بيت لعدي بن زيد، وصدره:
فقددت الأديم لراهشيه
(3). راجع ج 9 ص 249
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست